سورة المدثر - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المدثر)


        


{وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14)}
أي وبسطت له الجاه العريض والرياسة في قومه فأتممت عليه نعمتي المال والجاه، واجتماعهما هو الكمال عند أهل الدنيا، ولهذا المعنى يدعى بهذا فيقال أدام الله تمهيده أي بسطته وتصرفه في الأمور، ومن المفسرين من جعل هذا التمهيد البسطة في العيش وطول العمر، وكان الوليد من أكابر قريش ولذلك لقب الوحيد وريحانة قريش.


{ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15)}
لفظ ثم هاهنا معناه التعجب كما تقول لصاحبك: أنزلتك داري وأطعمتك وأسقيتك ثم أنت تشتمني، ونظيره قوله تعالى: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السموات والأرض وَجَعَلَ الظلمات والنور ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] فمعنى (ثم) هاهنا للإنكار والتعجب ثم تلك الزيادة التي كان يطمع فيها هل هي زيادة في الدنيا أو في الآخرة؟ فيه قولان الأول: قال الكلبي ومقاتل: ثم يرجو أن أزيد في ماله وولده وقد كفر بي الثاني: أن تلك الزيادة في الآخرة قيل: إنه كان يقول إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي، ونظيره قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بئاياتنا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: 77].


{كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا (16)}
ثم قال تعالى: {كَلاَّ} وهو ردع له عن ذلك الطمع الفاسد قال المفسرون ولم يزل الوليد في نقصان بعد قوله: {كَلاَّ} حتى افتقر ومات فقيراً.
قوله تعالى: {إِنَّهُ كان لآياتنا عَنِيداً} إنه تعليل للردع على وجه الاستئناف كأن قائلاً قال: لم لا يزاد؟ فقيل: لأنه كان لآياتنا عنيداً والعنيد في معنى المعاند كالجليس والأكيل والعشير، وفي هذه الآية إشارة إلى أمور كثيرة من صفاته أحدها: أنه كان معانداً في جميع الدلائل الدالة على التوحيد والعدل والقدرة وصحة النبوة وصحة البعث، وكان هو منازعاً في الكل منكراً للكل.
وثانيها: أن كفره كان كفر عناد كان يعرف هذه الأشياء بقلبه إلا أنه كان ينكرها بلسانه وكفر المعاند أفحش أنواع الكفر.
وثالثها: أن قوله: {إِنَّهُ كان لاياتنا عَنِيداً} يدل على أنه من قديم الزمان كان على هذه الحرفة والصنعة.
ورابعها: أن قوله: {إِنَّهُ كان لاياتنا عَنِيداً} يفيد أن تلك المعاندة كانت منه مختصة بآيات الله تعالى وبيناته، فإن تقديره: إنه كان لآياتنا عنيداً لا لآيات غيرنا، فتخصيصه هذا العناد بآيات الله مع كونه تاركاً للعناد في سائر الأشياء يدل على غاية الخسران.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8